About Author
ZARAE CINE
27 followers

أحدث المقالات
مارس ٢٥, ٢٠٢٤, ١٢:٤٦ م - حنين الجوهرى
مارس ٢٢, ٢٠٢٤, ١:٢٤ م - خديجة الوصال
مارس ٨, ٢٠٢٤, ١:٢٠ م - علي خريسات

إميل زولا، هوس الواقعية

قبل أن يكون كاتباً، كان إميل زولا صحفياً. النزاهة والتحري الصادق الذي تفرضه مهنة الصحافة على ممارسيها جعله يميل للصرامة والدقة حتى في كتاباته الأدبية، لذلك تتميز مؤلفاته بالالتزام التام بالملاحظة الاجتماعية المحايدة أمام الاعتبارات الأدبية. 

 

إذا كان كتاب آخرون مثل "بالزاك" قد سبقوه بالواقعية في الكتابة، فإن "زولا" سيتجاوز الاعتبارات الموضوعية للمعاينة الاجتماعية والتاريخية، وسيلتزم بالاستشهاد الدقيق والدراسة المعمقة للأوساط الاجتماعية التي يكتب عنها كما هي في الواقع، ما يشكل لقارئ مؤلفات "زولا" صدمة نوعية وثيمات غير معتادة للكتابة والتأليف الذي من المفترض أن يكون نابعاً من الخيال الأدبي الفطري لدى الأديب، والذي يتوافق أيضاً مع مواضيع الكتابة كلياً، الشيء الذي كان يرفضه "زولا" بشدة.

 

إميل زولا، أعظم من مزج العلم بالأدب باتباعه الخطوات الصارمة للبحث العلمي في مؤلفاته، حيث عكف على دراسة نوع الشخصيات الواقعية التي يكتب عنها وظروفها، وتأثير الأوساط الاجتماعية فيها ومصيرها، والميزة الفاصلة بين الوراثة والتقيد بظروف الزمان والمكان، بدون مبالغة أو تقصير. 

 

هذا الالتزام بالواقعية دفع النخبة البورجوازية في فرنسا إلى الاستعانة بالسلطة لمحاولة كبح الإصرار غير المعهود على رسم الواقع بكل تفاصيله، ما لم يكن في مصلحة السلطة والمقربين منها. 

 

 

قبل كتابة روايته الشهيرة والمثيرة للجدل (l'assommoir)، كان "زولا" يزور الأماكن والورشات الخاصة بالعمل ويوثق ظروفها وتفاصيلها. رواية عبر فيها الكاتب عن التأثير الواضح للوراثة، والاستغلال المقيت للسلطة، وشرطية المرأة، وتأثير الكحول، وتشتت العلاقات الأسرية والاجتماعية، والظروف غير الإنسانية للعمل في ذلك الوقت، إضافة إلى التسلط الذكوري ومرارة العيش تحت وطأة الفقر. 

 

أسلوب "زولا" كان قاسياً جداً. أسلوب يلامس الجرح مباشرة ولا يتفاوض مع الإكراهات والاعتبارات المتعارف عليها وطنياً. الأسلوب المستنبط من مراحل البحث العلمي والموظف في الكتابة الأدبية كانت نتائجه دقيقة دقة المعادلات والحسابات الرياضية. الأحداث لا تسير كما يريدها الكاتب بل كما يفترض بها أن تسير. 

 

واجه "زولا" نقداً حاداً من طرف القراء والنقاد، لكون المواضيع التي يثيرها شديدة الحساسية والواقعية. كانت بمثابة دراسة اجتماعية مكثفة للمجتمع الفرنسي آنذاك، ليرد بعدها "الكاتب"  قائلاً: "ذنبي الوحيد أنني كنت صريحاً بما فيه الكفاية، وكتبت عن الواقع كما هو، لا كما أريد أو يريد الجمهور، لا بأس، روايتي ستدافع عني".

بقلم الكاتب: حميد بلحسين

التعليقات

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق

مقالات ذات صلة