About Author
Hesham aboelmakarm
13 followers

أحدث المقالات
مارس ٢٥, ٢٠٢٤, ١٢:٤٦ م - حنين الجوهرى
مارس ٢٢, ٢٠٢٤, ١:٢٤ م - خديجة الوصال
مارس ٨, ٢٠٢٤, ١:٢٠ م - علي خريسات

عن الحب في زمن التوك توك

أي حب هذا الذي يدفع حبيباً إلى غرس خنجر في رقبة حبيبته؟ أي حب هذا الذي يجعل شاباً في مقتبل عمره ينهي حياة فتاة أحلامه ليقضي بقية عمره في السجن إن لم يتم الحكم بإعدامه؟ جرائم غريبة وشاذة تكررت حتى أصبحت روتيناً يومياً في زماننا أو في زمن التوك توك إن جازت التسمية.

رغماً عني كلما تأملت هذه الحالات تستدعى ذاكرتي مشهداً شهيراً من مسلسل رحلة أبو العلا البشري يؤديه ببراعة الفنان محمود مرسي رحمة الله عليه في مواجهة الفنانة الرقيقة المعتزلة نسرين. في المشهد، يطرح السيد أبو العلا رؤيته للحب من وجهة نظر جيله، فهو الحب العذري الذي تتأجج ناره مع أغنيات أم كلثوم التي كنا نسهر الليالي لنردد معها كلمات العشق لحبيبة لم نجد الجرأة لنلمس يدها، بل ونسقط أسرى لتأنيب الضمير إذا نحن -في لحظة ضعف- عريناها في خيالنا، ورأينا منها في أحلامنا ما لا يجوز أن نراه، كنا نعاقب أنفسنا حتى على الخيال إن جنح وتجاوز حدود الأخلاق وقيم الحب العذري.

يأتي السيد أبو العلا البشري بجمل حوار عذبة وحاسمة في نفس الوقت، صاغها العظيم أسامة أنور عكاشة يصف بها سلوك الجيل الجديد الذي تمثله (نجوى)، ويتهم هذا الجيل بأنه أزال الفواصل، وحول الحب إلى (ساندوتش) يأكله وهو يسير في الشارع ويهضمه قبل أن يصل إلى وجهته.

كانت كلمات الإدانة تلك موجهة إلى جيل الثمانينيات، وتكشف لنا تلك المفارقة حجم ما وصلنا إليه من انحدار إذا ما قارنّا أخلاقيات هذا الجيل المرفوض من السيد أبو العلا بجيل 2022 الذي يرتع في شوارعنا الآن ليوسعنا بذاءة وإسفافاً وتحرشاً، وقتلاً إذا استدعى الأمر.

عن لمسة الطهر وروح الشاعرية يتحدث البشري، مؤكداً أن جيله كان يحب وهو ينصت إلى الموسيقى أو يقرأ الشعر أو يشاهد لوحات ناجي وصبري ومحمود سعيد.

يمكننا إذن أن ندرك عمق الهوة السحيقة التي وقعنا فيها إذا علمنا أن الجيل الحالي يحب على أنغام حمو بيكا وحسن شاكوش، ويشاهد محمد رمضان وهو يرقص عارياً.

في زمن التوك توك كل شيء أصبح عشوائياً، حتى قيم الحب والعشق تبدلت وأصبحت رغبة في الامتلاك، واختفت لمسة الطهر وروح الشاعرية لصالح غريزة حيوانية مجنونة. نعم، الذين يقتلون يدافعون عما يعتقدون أنه حقهم في الامتلاك وتمزيق ملابس الحبيبة في لحظة يتصورون -بعقلياتهم المريضة- أنها ذروة الرومانسية.

المحب لا يتحرش، لا يمزق الملابس، لا يغتصب، وبالتالي فهو لا يقتل.

يقول أمل دنقل: 

كيف تنظر في عيني امرأة أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟

كيف تصبح فارسها في الغرام؟

أسئلة أكثر رومانسية من أسئلة أبو العلا البشري، أسئلة العم أمل لم يعد السياق الحالي يحتملها، لأنه كان يكتب منطلقاً من قيمة دور الرجل في توفير الأمان لحبيبته، ومن ثم إن هو صار مكسوراً ومهزوماً فلن يجد جرأة النظر إلى عينيها لأنه فقد رجولته وأصبح عاجزاً عن تأمينها وحمايتها، فما بال عشاق هذا الزمان وهو يقدمون على إنهاء حياة حبيباتهم حتى لا يتمتع بهن رجال آخرون؟

وكيف يتوقع المخبول منهم أن تحبه فتاة تحت التهديد، وأن تقدم له نفسها خوفاً على حياتها؟ كيف تأمن لك الحبيبة أيها الأحمق وقد سلبتها في مبتدأ العلاقة كل إحساس بالأمان معك؟

وهل سيكون هذا العاشق المخبول سعيداً إذا تزوجته حبيبته لمجرد أنها خائفة من القتل؟

أسئلة كثيرة كان السيد أبو العلا البشري والعم أمل دنقل سوف يتحيران في البحث عن إجابة لها إذا قُدر لهما أن يركبا معنا في التوك توك، وأول هذه الأسئلة: هل أصبح كل عشاق هذا الزمان نسخاً من (قناوي) في فيلم باب الحديد، يحتاجون لمن يلبسهم قميص الأكتاف ليصبحوا نزلاء مستشفيات الأمراض العقلي؟ أم أن العصر نفسه صار هائجاً ومزعجاً ومجنوناً مثل أغاني المهرجانات؟

هل تعلم الأسرة أبنائها معنى الحب؟ هل تتحدث الأم المصرية الآن مع ابنها (الدكر) عن الحب، فتشرح له أن المرأة بطبيعتها كائن يبحث عن الأمان، وبخاصة مع من تحب؟

هل يعجب الأب بنجله عندما يفشل في تلقي العلم -أي علم-، في حين ينجح بتفوق في تعلم فنون البلطجة والاعتداء على الناس وسلب حقوقهم؟

كلنا مسئولون عن تلك الحياة الهمجية التي نعيشها، كلنا فشلنا في مقاومة غزو أخلاقيات التوك توك لبيوتنا، ومن ثم أصبح طبيعياً أن يقتل شاب مخبول فتاة باسم الحب، معتقداً أن يمارس حقه في الثأر منها لأنها رفضت حبه لها، ويحقق ما يعتبره إرضاء لرجولته المزعومة بأن يمنع كل رجال العالم من الاستمتاع بها، بل وكان أحد هؤلاء القتلة يخطط لفصل رأس حبيبته والاحتفاظ بها ظناً منه أنه بذلك يمارس أقصى طقوس الرومانسية، بينما الحقيقة أنه يرتكب جريمته مدفوعاً بلحظة فوران لأكثر الغرائز الإنسانية حقارة وانحطاطاً.

التعليقات
EMCED ABDULLAH - سبتمبر ٢٩, ٢٠٢٢, ٨:٢٥ ص - إضافة رد

Temem

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق
Toufik ZEGAI - أكتوبر ١, ٢٠٢٢, ١:٠١ م - إضافة رد

Done

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق
MOHAMED LOTFY - أكتوبر ٢, ٢٠٢٢, ٤:١٤ ص - إضافة رد

done

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق
nabolyh - أكتوبر ٢, ٢٠٢٢, ٦:٤٤ م - إضافة رد

done

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق
Ahmed hatiem Hussein - أكتوبر ٣, ٢٠٢٢, ٦:٣٥ ص - إضافة رد

https://dash.yezpro.com/?r=853966

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق
Ahmad awed Ahmad Abdallah - أكتوبر ١٨, ٢٠٢٢, ٧:١٣ م - إضافة رد

ةنفينيكس

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق
صدام نجيب - مايو ٦, ٢٠٢٣, ٨:٤٦ م - إضافة رد

جميل

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق