من يلاحظ الحياة العربية يجد أن العرب قد برعوا فى علم النسب وحفظوه وبالغوا فى حفظه وتفاخروا به، حتى الخيول حفظوا أنسابها ببراعة فائقة وكان عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يحث الناس على حفظ الأنساب وليس ثمة شك أن معرفة الأنساب تعمل على تقوية الروابط وتجدد الصلات وتوطد عُرى المودة والقرابة وصلة الرحم ومراعاة النسب الشريف فى المرأة المتزوجة ورعاية للكفاءة، تَعودَ العرب على انتسابهم للمكان الذى نشأوا فيه.
فقد قال: التبريزى والنيسابورى والبغدادى والحلبي والدمشقي ونحن نسير على نهجهم؛ نقول: الإدفـوى السيوطي الدمياطي والغمراوى، القنائى، الأقصرى.
فضلاً عن انتسابهم إلى قبيلتهم فتكنوا: بالذبيانى والغسانى والطائى، ناهيك من كنية: الهاشمى، الحسينى، والبكرى.
كما انتسب العرب إلى الصناعة والمهنة؛ فقالوا: الكاتب، الوراق، والحال كما اليوم ننسِب إلى المهن والأعمال:النجار والحداد والخولى والجزار فالخباز...إلخ.
تدوين الأنساب:
سلامة النسب وشرفه ونقائه يحتل المكانة العظمى عند العرب فقد حرصوا على تدوينه وحفظه، إلى أن هرقل ملك الروم عندما إستدعى أبا سفيان إذ كان تاجراً من جزيرة العرب فأراد أن يسأله عن نسب الرسول الكريم وصفاته وحقيقة ما قيل فيه علية أفضل الصلاة والتسليم؛ ابتدره هرقل بعدة أسئلة يستوضح بها صفات الرسول الكريم وسأله ما نسبه فيكم؟ فأجاب مصداقا هو ذو نسب ثم قام بطرح بضع من الأسئلة إلى سؤالة بماذا يأمركم؟ فأجاب بتوحيد الله والصلاة والصدق والعفاف وصلة الرحم، لم يكذب أبا سفيان برغم كرهه للنبي صلى الله علية وسلم في ذلك الوقت وقال والله لو أنني خفت أن يؤثروا علي كذباً لكذبت، فالكذب عند العرب عار.
أما عن أنساب الأشراف؛ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم فإن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر، وقد اهتم الأشراف بتدوين أنسابهم فى أشكال مختلفة فنقش أجدادهم أنسابهم على الصخور والأحجار ومقامات أجدادهم وأضرحتهم قائمة لتشهد بهذا النسب، فنجد فى كل البلدان العربية مشاهد وأضرحة ومقامات البيت وهى محل احترام وتقدير الجميع.
إختلافات فى سرد الأنساب:
نرى هنا إختلافا في سرد الأنساب الشريفة ونفندها كالآتى:
- ما قد يحدث من التباس على الراوي أو الناقل تجعله يخلط بين الأسماء والألقاب والكنى.
- أن اختلاف الأقوال لا يضر بنسب الأشراف فإن كل الأنساب الشريفة ما عدا أئمة أهل البيت يُختلف فيها على الغالب اختلاف رواية لا طعـن من العالم المتشرع بتلك الأنساب وفروعه.
- تتحرف الأسماء وتتصحف بمرور الزمن فتصحح.
فعلم الأنساب ومصطلحه الجينيالوجيا يهتم بأنساب القبائل والعشائر والأُسر المحلية ويسمى المهتم بذلك العلم نسّابة، ومن ذلك العلم يتعرف الناس أنسابهم وقواعدهم الكلية والجزئية والهدف منه الإحتراز عن الخطأ في نسب شخص ما وهو من العلوم المهمة عند المسلمين والعرب ووجه إليه القرآن الكريم "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"الحجرات13، كما حث الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: "تعلموا الأنساب كى تصلوا أرحامكم" أخرجه الترمذى وأحمد، وحث على تعلمه، والعربى اعتنى في ضبط نسبه إلأ أن أكثر أهل الإسلام قد اختلطت أنسابهم بالأعاجم؛ فتعذر ضبطه بالآباء، فانتسب كل مجهول النسب إلى بلده أو حرفته أو نحو ذلك حتى غلب هذا النوع كما أسلفت مسبقا وقد قال تعالى فى ذلك "وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا"الفرقان54 وفى ذلك الموضوع لى عودة بإذن الله.
المراجع:
يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق