لابد من الإشارة إلى أن العروبة: مضمون ثقافى لا جنسى وحتمية التاريخ تؤكد الإختلاط والإنصهار الدموى بين العرب والمصريين في بوتقة واحدة، فشعوب الشرق الأوسط منذ التاريخ الغابر هم أصلا وأساسا أقارب انفصلوا جغرافيا بين جميع الدول العربية والتوطن المحلى والمؤثرات الدخيلة الموضعية، والتزاوج الداخلى الذى حدث فيما بعد لم ينجم عنه أكثر من ابتعادات محلية ضئيلة لا تغير من وحدة الأصل الدموى وتجانس الأعراق.
العرب مابين المصريين والعراقيين:
وإن تطورت اللغات مابين سامى وحامى، ويبقى العالم العربى أو بيت العرب الجغرافى الكبير هو "دوار العرب" بمعنى الأسرة الموسعة التى تضم عدة أسر نووية أو خلوية، كما يطلقون عليه علم الأحياء أو التاريخ الطبيعى للإنسان ومما يؤكدذلك أن إسماعيل أبو العرب العدنانيين كما أنه إبن إبراهيم العراقى من هاجر المصرية والعدنانيين من زوجة مصرية فمعـناه الأنثروبولوجـــــى (علم الإنسان) أن العرب أنصاف عراقيين، أنصاف مصريين، وكما أسلفت من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن التوصية بمصر وكقول عمرو : "أهل مصر أكرم الأعاجم كلها، وأقربهم رحما بالعرب عامة وبقريش خاصة".
إعادة اللقاء:
وثمة تأكد ان صلة مصر بالعرب صلة نسب ودم قبل أن تصبح صلة ديانة ولغة. ومن ثم فتعريب مصر فيما بعد عملية زواج أقارب مباشرة، ولم تكن لقاءات المصريين بالعرب إلا لقاء أبناء عمومة أو إخوة أو آباء بأبناء أو أجداد بأحفاد، وبوضوح أكثر "إعادة لقاء" بعـد أن باعدت بينهم الصحراء التى استحدثها الجفاف، وهى أقرب لعملية "الخض" أو تقليب عميق لجزئيات متماثلة أصلا يعاد مزجها حتى لا تتخثر أو تتحجر والكل في النهاية إضافات متبادلة أكثر منه فواعل ومتفاعلات.
مصر عربية:
فمصر فرعونية بالجد عربية بالأب وكل من الجد والأب من أصل جد أعلى واحد مشترك، بيد أن العرب هنا بتغييرهم للثقافة المصرية هم للدقة والتحديد "الأب الإجتماعى" في الدرجة الأولى وليسوا الأب "البيولوجى" (التاريخ الطبيعى) إلا في الدرجة الثانية حيث كانوا أقلية عددية جدا بالقياس إلى المصريين، وللأسباب الآنفة الذكر؛ فإذا كان العرب قد عرَّبوا مصر ثقافيا، فإن مصر قد مصرَّتهم جنسيا؛ فليس في الحقيقة إلا من قبيل تغليب الكثرة العددية على الأقلية دون أن يعنى فارقا أساسيا في الأصل والنوع بين الطرفين فالفارق العـملى الواقعى والحاسم بين الفرعونية والعروبة.
الفرعونية ماضٍ:
فالفرعونية تنتمى للماضى بينما العروبة حاضر ماثل واقع، الفرعونية إسم والعروبة فعل، الفرعونية فعل قديم بينما العروبة فعل حادث، فالعروبة حاضر ومستقبل ومن ثم فمصير مصر عربيا من الجانب السياسي، بمثل ما أن مصير العرب مصرى من الجوانب الحضارية.
السيدة نفيسة وزوجها إسحاق بن جعفر الصادق:
وأردف بتواجد الحسينيين في مصر بظهور إسحق بن جعفر الصادق زوج السيدة نفيسة التى ذكرت في بنى الحسن من أهل الصلاح والتقوى بمصر وكان له عقب منهم بنو الرقى، وفى عام 248هـ عرف بن الخزرى العـلوى، وتواجد إبن الأرقط العـلوى منضما إلى جابر المدلجى في ثورته 252 -253هـ وهناك أخيرا السيدة أم كلثوم بنت القاسم كانت من الزاهدات العابدات ومشهدها بمقابر قريش بمصر بجوار الخندق.
ومن شواهد القبور نعثر على طائفة من أسماء بنى الحسين الذين توفوا بصعيد مصر في منتصف القرن الثالث الهجرى كما سردت مسبقا، ومن مطالعة أخبار العلويين بمصر عامة والصعيد خاصة حسنيين وحسينيين نستنبط إقامتهم في تلك المناطق في القرنين الثانى والثالث الهجرى ومن الطبيعى إعقابهم بها فقد كان لهم مركزا روحيا ومكانة شعبية رفيعـــة أثرت تــأثيرا كبيرا على الحياة المصرية بما فجروه من ثورات على الظلم والطغيان، وبوقوفهم مع الشعب والعمل على حل مشاكلهم، وإجراء المصالحات لما ينتج من منازعات بينهم.
"إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" الأنبياء 92
المراجع:
يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق