فى أيام الفراعنة فى مصر القديمة كانوا يدفنون الملوك والملكات فى مقابر، صُنعـت خِصيصا لهم بعـد تحنيطهم، وعمل الإجراءات اللازمة لمراسم الجنازة الملكية، ثم مواراتهم التراب ،يتم توظيف حرس خاص لتلك المقابر؛ لحراستها من عبث العابثين؛ لأنهم يضعـون مجوهرات وحُلى الحُكّام المنتقلين للعالم الآخر، المستخدمين لها فى الحياة الدنيا معهم فى أماكنهم التى نُحِتت لهم فى الصخر أو جوف الأرض.
سحر الكهنة:
وهكذا تمر السنين والأعوام على هذه المقابر ولا أحد يعـلم عنها شيئا إلا الباحثون فـــــى ذلك المجال، فكانت كنوزا مخفية مُحاطة بالأسرار، وسِحر الكهنة، حتى لا يسطوا عليها أحد؛ وغدا لصوص الأنتيكات والمقابر الثرية يُنقِبون عن هذه الخبيئات حتى يعـثرون عليها بالبحث والحفر، ويستخرجونها من باطن الأرض، ويعكفون على تنظيفها ،وتلميعها ،ثم يبيعونها خارج مصر للأجانب والمهتمين بالآثار المصرية القديمة.
نشأة معبد إدفـــــــو:
فى جنوب صعيد مصر معـبد رابض بها منذ ألوف السنين أسسه بطليموس الثالث عام سبعة وثلاثون و مئتين قبل الميلاد وأستمر بناءه حتى بطليموس الزمار عام سبعة وخمسون قبل الميلاد ؛ فاستغـرق بناءه مئة وثمانون عاما بدون التشطيبات ؛ فافتتح للزيارة منذ ذلك العهد.
استكملت تشطيباته فى عهد بطليموس الثالث عشر وافتتحته الملكة كليوباترا السابعة بحفل عظيم رسميا عام إثنتان وأربعـون قبل الميلاد متقدما عن الفتح الرومانى لمصر بإحدى عشر سنة تقريبا.
حول ذلك المعـبد تدور الحواديت، والأساطير ويُنسج الخيال، ومنها تحضرنى حدوتة "أم شلاشل والكنز المرصود "حيث كانت حول المعبد مساكن خَــــرِبة يزعمــــون أنهـــا مساكن الموظفين، والإداريين العاملين بالمعـبد، ثم التُجَّار وعامة الشعـب، وهذه المنطقة مرتع للحيوانات الضالة، وملجأ للعـقارب والثعابين ،والحشرات السامة، ولا يطأها إلا القليل جدا من الناس والعابرين؛ لمصالحهم متجهين؛ لسوق البلدة للتجارة، أو لأغراض أُخر، تجاوره مزارع القصب وحقوله، فكان مكاناً مُوحِشا، مُخيفا يحوطه الصمت الأزلى، بـه تلـَّا يدعونـه"الشرف".
بسطحه أماكن تُشبه الكهوف، تأوى إليه بعض الكلاب الضالة، وبسفحه على الأرض تماثيلا ناقصة الصُنع تالفة أوأعمدة فرعونية مُسمطة صغيرة لم يتقن بعـض المثالون القدماء نحتها؛ فيقذفون بها فى تلك المنطقة المجاورة للمعـبد، ثم ينحتون تماثيلا، وأعمـــــــــدة جديدة أكثر إتقانا؛ لعـرضها فى صالة المعـبد.
الحواديت المُرعِبة:
فما فتئت تحوم حول تلك المنطقة الحواديت المُفزِعة، ويحكون أنه تُسمع فى تلك الأماكن أو الكهوف أصوات صاجات نحاسية ذات أصوات رنانة تُشبه الموسيقى، لتلفت نظر السامعـين العابرين لهذا السبيل؛ فتارة تظهر شبح امرأة متمايلة يُمنة ويُسرة ثم تختفى، وما برحت مابين الظهور والإختفاء، وسرها أنها تخفى تحت قدميها كنزا فرعونيا به كل أنواع المجوهرات، أخفاه أحد الملوك الفراعنة فى تلك البقعة.
خيبة أمل:
ماانفك لصوص الآثار ينقبون عنه فى تلك المنطقة، حاملين المشاعل ليلا تتبعهم نساءهم المتشحات بالعباءات السوداء من شعـور رُؤوسهن إلى اخمص أقدامهن ظانين منهم إبعاد ظهور شبح تلك الراقصة التى تُسمع جلاجل صاجاتها دون صورتها أثناء توهج تلك المشاعل، وفى الظلام الدامس تظهر بصورتها وموسيقاها المجلجلة.
يقصون أن هذه "العـفريته" كنوع من الجِن، وضعها السحرة الفراعـنة كرصد للكنز والمحافظة عليه من النهب، وعندما يقترب المتسللون منها تصيبهم خيبة الأمل فى الإستيلاء على المقبرة المرصودة والكنز الدفين؛ لأن ذلك الشبح يهلكهم، ويقضى عليهم؛ فشرعوا يتقربون لهذه "العـفريتة" بالقرابين ومنها ذبح الذبائح؛ لينولوا رضاها وتفتح لهم مقبرة الكنز على مصراعيها؛ ليغـرفونها.
عشم إبليس فى الجنة:
طفق السحرة يُقدِمون من أقاصى البلاد والدول ،يكتبون الطلاسم، ويطلقون البخور، ويتمتمون بالمشعـوذات؛ لإنهاء ذلك الرصد؛ فلم يفلحوا فى شىء مما صنعـوه، ومازالت المنطقة موحشة مخيفة متسربلة بدثار الغموض تُحيطها لعـنة الفراعنة إذا اقترب أحد من مقبرتها كما يعـتقدون، ومازالت الراقصة الشبح "أم شلاشل" وكنزهاالمرصود قابعا فى مخيلة الكبار والصغـار يتعـشمون به عشم إبليس فى الجنة.
شكرا جزيلا
يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق